انكســـــــــر العـــــظــــم
كان "طارق" جالساً على كرسي مريح في الفصل الدراسي ، يطالع الكتب بكل إهتمامٍ و دقةٍ ، يغوص في بحور العلوم فيها.
أستاذنا الفاضل لم يتمكن من الحضور إلى المدرسة ، لأنه في إجازة طارئة.
كان الجو يومها غائماً بالسحب الكثيفة داكنة اللون ، و تهب رياح شديدة السرعة كالقطار السريع.
قبل ذلك الحال كان الناس مضطربين يصيبهم القلق جراء الحر القارص ، و المطر محبوس عنهم منذ أيام ، لذلك تجمع الناس في الميدان الواسع ، صلوا صلاة الاستسقاء و دعوا الله تعالى بنزول المطر و لكن لم تمطر في ذلك اليوم.
و بفضل اللّٰه تعالىٰ و كرمه ، كان الطقس اليوم رائعاً جميلاً ، يبدو عليه طقس يبشر بنزول المطر بغزارة ، و فجأة سمعت صوتاً عالياً مروعاً كالعاصفة القوية.
طارق،،،،طارق !!
نعم يا شعيب ، ماذا هناك ؟
تعال انظر هنا.
حيث بدأ المطر ينزل رذاذاً ، ثم ما لبث و تحول لسقوط زخات كثيرة.
لقد كان الصوت القادم ثقيلاً مخيفاً ، خرجت لأستمتع بالطقس الرائع خارج الفصل الدراسي و أستنشق الهواء الطلق النقي - أنا (شعيب) و طارق زميلان في الدراسة - نحب بعضنا حباً شديداً ، حيث يعلم أهالي القرية بصداقتنا الجميلة ، و كانت هذه الصداقة قدوة حسنة لأهل القرية.
و نصيحتي لك أيها القاريء إن كنتَ صديقاً لأحدهم فلتكن صداقتكما كصداقتنا و أفضل.
خرج طارق من الفصل و تقدم متعثراً، و كان يشعر بالفرح و السرور. و كان عندما يشاهد نزول المطر ينتهز الفرصة للَّعب تحته حيث كان مولعاً بذلك كثيراً و يسرُ به كثيراً.
و في مكان آخر خارج الفصل ، تجمّع العديد من زملاء الدراسة ، منهم فهيم و فضل و طارق و عارف و أنا.
كانت الأمطار تنزل بغزارة ، اتفقنا جميعنا أن نلعب تحت المطر و نستمتع و نمزح معا كثيراً.
فتوجهنا إلى حديقة تسمى *"الحَسِين"* تقع بقرب المدرسة و كانت هذه الحديقة كبيرة جداً ، هادئة و جميلة ، و تعتبر مكاناً استجمامياً رائعاً للزوار و السيَّاح . فيها العديد من الأزهار المنوعة و الملونة ، حيث يستمتع الجميع برائحتها العطرة و منظرها الخلاب.
و في تلك الحديقة الفخمة ملعباً رياضياً جميلاً ، امتلأ بالحضور حيث بدأوا يتنعمون بالغيث و يستمتعون بالجو الماطر و كانوا في غاية السرور و الهناء ، يلعبون تحت المطر ، و يَرْشُقون الماء على بعضهم البعض بفرح و سرور للغاية ، و كان تساقط قطرات المطر كالنجوم المتلألئة البرَّاقة ، بعض الأصدقاء بدأوا بسباق الجري و بعضهم انشغل في لعبة أخرى و كان الفرح والسرور يعم الوجوه ، لقد كانت لحظات رائعة جميلة اشتغلوا فيها باللهو و اللعب و الغناء.
فجأة انتشر صوت مرتفع يدل على سقوط شيء ما ، و كان الجميع منتشراً هنا و هناك منشغلون بالمكوث تحت المطر بشغف ، لقد كان الحدث هو انزلاق في المكان جراء هطول المطر الغزير.
بصوت عالٍ ، سألني فضل ماذا حصل هناك ؟
صرخت ، ماذا حصل ؟
وصل عارف متلهفاً عند طارق.
طارق،،،طارق ماذا حصل لك يا غالي ؟ قد انزلق قدمي و وقعت على الأرض ، و أصابني جرح مؤلم.
اقترب باقي الأصدقاء بسرعة من صديقهم طارق و اطمأنوا على حالته و صحته . مدَّ عارف يده بسرعة على رجل طارق فاشتد عليه الألم ، قال طارق لا تمس رِجلي.
قال عارف : لماذا ؟ ماذا حدث ؟
فجأة تفوّه طارق و قال : انكسر العظم.
فقام الجميع بنقل صديقهم طارق إلى المشفى لتلقي العلاج ، فتبدل حال الجميع مرة واحدة من الفرح و البهجة و الإستمتاع بالمطر إلى الحزن فسبحان مبدل الأحوال.
و بفضل الله تعالى تماثل طارق بالشفاء، و الحمد لله رب العالمين.
سلسلة من القصص القصيرة
القصة الثانية : انكسر العظم
بقلم : ظفر هاشم المباركفوري
تحريراً الأحد 8/أغسطس 2024
4 ربيع الأول 1446
No comments:
Post a Comment