Sunday, September 8, 2024

انكســــــــر العــــــــظـــــــم

         


            انكســـــــــر العـــــظــــم

كان "طارق" جالساً على كرسي مريح في الفصل الدراسي ، يطالع الكتب بكل إهتمامٍ و دقةٍ ، يغوص في بحور العلوم فيها. 

أستاذنا الفاضل لم يتمكن من الحضور إلى المدرسة ، لأنه في إجازة طارئة.

كان الجو يومها غائماً بالسحب الكثيفة داكنة اللون ، و تهب رياح شديدة السرعة كالقطار السريع. 

قبل ذلك الحال كان الناس مضطربين يصيبهم القلق جراء الحر القارص ، و المطر محبوس عنهم منذ أيام ، لذلك تجمع الناس في الميدان الواسع ، صلوا صلاة الاستسقاء و دعوا الله تعالى بنزول المطر و لكن لم تمطر في ذلك اليوم.

و بفضل اللّٰه تعالىٰ و كرمه ، كان الطقس اليوم رائعاً جميلاً ، يبدو عليه طقس يبشر  بنزول المطر بغزارة ، و فجأة سمعت صوتاً عالياً مروعاً  كالعاصفة القوية.

طارق،،،،طارق !!

نعم يا شعيب ، ماذا هناك ؟ 

تعال انظر هنا.

حيث بدأ المطر ينزل رذاذاً ، ثم ما لبث و تحول لسقوط زخات كثيرة.

لقد كان الصوت القادم ثقيلاً مخيفاً ، خرجت لأستمتع بالطقس الرائع خارج الفصل الدراسي و أستنشق الهواء الطلق النقي - أنا (شعيب) و طارق زميلان في الدراسة - نحب بعضنا حباً شديداً ، حيث يعلم أهالي القرية بصداقتنا الجميلة ، و كانت هذه الصداقة قدوة حسنة لأهل القرية.

و نصيحتي لك أيها القاريء إن كنتَ صديقاً لأحدهم فلتكن صداقتكما كصداقتنا و أفضل. 

خرج طارق من الفصل و تقدم متعثراً، و كان يشعر بالفرح و السرور. و كان عندما يشاهد نزول المطر ينتهز الفرصة للَّعب تحته حيث كان مولعاً بذلك كثيراً و يسرُ به كثيراً.

و في مكان آخر خارج الفصل ، تجمّع العديد من زملاء الدراسة ،  منهم فهيم و فضل و طارق و عارف و أنا. 

كانت الأمطار تنزل بغزارة ، اتفقنا جميعنا أن نلعب تحت المطر و نستمتع و نمزح معا كثيراً.

فتوجهنا إلى حديقة تسمى *"الحَسِين"* تقع بقرب المدرسة و كانت هذه الحديقة كبيرة جداً ، هادئة و جميلة ، و تعتبر مكاناً استجمامياً رائعاً للزوار و السيَّاح . فيها العديد من الأزهار المنوعة و الملونة ، حيث يستمتع الجميع برائحتها العطرة و منظرها الخلاب.

و في تلك الحديقة الفخمة ملعباً رياضياً جميلاً ، امتلأ بالحضور حيث بدأوا يتنعمون بالغيث و يستمتعون بالجو الماطر و كانوا في غاية السرور و الهناء ، يلعبون تحت المطر ، و يَرْشُقون الماء على بعضهم البعض بفرح و سرور للغاية ،  و كان تساقط قطرات المطر كالنجوم المتلألئة البرَّاقة ، بعض الأصدقاء بدأوا بسباق الجري و بعضهم انشغل في لعبة أخرى و كان الفرح والسرور يعم الوجوه ، لقد كانت لحظات رائعة جميلة اشتغلوا فيها باللهو و اللعب و الغناء.

فجأة انتشر صوت مرتفع يدل على سقوط شيء ما ، و كان الجميع منتشراً هنا و هناك منشغلون بالمكوث تحت المطر بشغف ، لقد كان الحدث هو انزلاق في المكان جراء هطول المطر الغزير. 

  بصوت عالٍ ، سألني فضل ماذا حصل هناك ؟

صرخت ، ماذا حصل ؟ 

وصل عارف متلهفاً عند طارق.

طارق،،،طارق ماذا حصل لك يا غالي ؟ قد انزلق قدمي و وقعت على الأرض ، و أصابني جرح مؤلم.

اقترب باقي الأصدقاء بسرعة من صديقهم طارق و اطمأنوا على حالته و صحته . مدَّ عارف يده بسرعة على رجل طارق فاشتد عليه الألم ، قال طارق لا تمس رِجلي.

قال عارف : لماذا ؟ ماذا حدث ؟

فجأة تفوّه طارق و قال : انكسر العظم

فقام الجميع بنقل صديقهم طارق إلى المشفى لتلقي العلاج ، فتبدل حال الجميع مرة واحدة من الفرح و البهجة و الإستمتاع بالمطر  إلى الحزن فسبحان مبدل الأحوال. 

و بفضل الله تعالى تماثل طارق بالشفاء، و الحمد لله رب العالمين.


سلسلة من القصص القصيرة

القصة الثانية : انكسر العظم

بقلم : ظفر هاشم المباركفوري

تحريراً الأحد 8/أغسطس 2024

4 ربيع الأول 1446 

No comments:

Post a Comment

من مجريات الحياة اليومية -5

  من مجريات الحياة اليومية -5  ذهبت بالأمس مع زميلي محمد عارف الندوي إلى تشاندني تشوك (چاندنی چوک) لضرورة ملحة. خرجنا من المنزل و توجهنا إ...